بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة ..
( أبناء الشياطين )
أنا و لساني الطويل !
من أجبرني على قبول تحدي جاري في المنزل الذي استأجرته
في هذا الحيّ الجديد؟
كان دقيقاً نحيلاً صامتاً بوجهٍ مخطوف اللون أبيضَ
كالشمع يتوارى؛ يكاد يقول ( يا حيطه : داريني ! ) من شدة الخجل !!
أليس أهل الحيّ أعلمَ به حين نصحوني أن أبتعد عنه و
أتركه لحاله لأنه ( بيخاف من خياله !) ؟
أليس أهل الحيّ أعلم بحيّهم حين أمروني أمراً أن لا أمرّ
بجوار البيت الكبير القديم لأنه مسكون ؛ بل و أن لا أنظر إليه حتى ؟!!
ألم يخبروني أنه
تأتي ليالٍ يسمعون فيها أصواتَ تكَسُّرِ أشياءٍ بداخله و شجاراً بل و صريخَ أشخاصٍ
و كأنهم على وشك الموت ؟؟
أشعر بخطر شديد !
قلبي يكاد يقفز من مكانه و عقلي يصرخ بي : كيف قبلتُ
تحدي هذا المعتوه !
و أردُّ عليه بردِّي على جاري نعيم و أنا أحاول أن أنتزع
الخوف من قلبه و آثارَه من صفحةِ وجهه :
ـ هل تصدق هذا الكلام ؟ ( ما عفريت ألّا بني آدم ) !
= تريدني أن أصدقك ؟؟ الكل يخاف .. الكل يسمع الشجار و
أصوات تكسر الأشياء .. الكل يسمع الصراخ .. الكل يعلمون عن العفريت الساكن هناك ..
الكل يعلم أن من يدخل لا يخرج .. و تقول لا عفريت ؟؟ لا توجد عفاريت !!
ـ نعم طبعاً لا توجد عفاريت ؛ هذه تهيؤات فقط لا أكثر أو
ربما خدعة من شخصٍ ما يتسلى بإخافة الناس ، أراهنك أن هذه الأصوات هي مؤثرات صوتية
و أن من سيدخل سيجد مصدرها و أن من يضعها
لا بد أنه يخفي أمراً غير مشروع بالداخل و يتخذ من هذا المكان مخزناً لشيءٍ
كالهيروين مثلاً !
= لقد دخلت الشرطة هناك عدة مرات و لم تجد شيئاً حتى ملّوا
و لم يعودوا يستجيبون لأي بلاغ عن البيت الكبير المسكون ؛ لأنه فعلاً مسكون ! فيه
عفريت يعني فيه عفريت !
ـ قلت لك (ما عفريت ألّا بني آدم ) ! تعالَ نكسِر هذا
الخوف و ندخله ما رأيك ؟
= تباً لك اكسره أنت وحدك ! أتحداك أن تدخله الليلة
أتحداك أن تقنعني بكلامك بأنه لا يوجد فيه عفريت ، و أنه (ما عفريت ألّا بني آدم ) ، كما قلت؛ أتحداك !!
يا إلهي ! ها قد بدأت الأشياء في التكسر !!
من يرمي الأشياء ؟؟ مَن هنا ؟؟ هناك مَن يعلم أنني هنا و
سيُحضِر الشرطة إذا لم أخرج بعد عشر دقائق مِن هنا !
مَن هنا ؟ أظهر نفسك !! كفّ عن رمي الأشياء ! مَن هنا ؟؟
أحذِّرُك !!
يا إلهي ! يا إلهي ! ما صوت العواء البشع هذا ؟؟
هل حقاً هو عفريت ؟؟
هل حقاً كنتُ غبياً حين قبلت التحدي ؟؟
توجد عفاريت !!
توجد عفاريت !!
كفى ! كفى ! تكاد أذنيّ تُصمّ !!
أنا آسف ! أنا آسف ! أرجوك دعني أخرج أرجوك كفّ عن تحطيم
الأشياء أمام الباب !! النـــجــــــــدة .. النــــــــــــجــــــــــــــــدة
أنقذوني أنقذوني النجدة أرجوكم أرجوكم فليفتح أحدٌ الباب النجدة النجدة ..
لا .. لا .. كُفّ عن الضحك كفّ كُفّ دعني أخرج دعني دعني
!!
= على فين يا حلو ؟ هوّ دخول الحمّام زي خروجه ؟؟
ـ أنت إنسان !! أنت إنسان !!
نــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــيــــــــــــــــــــــم
؟؟!!!
= ما رأيك ؟ كسبتُ التحدي ! اعتقدتَ أنني عفريت ؛ اعترفتَ
بعلو صوتك أنه توجد عفاريت ؛ ما رأيك ها ؟
ـ أيها الـ ..... تباً لك !
بالعكس : لقد كسبتُ أنا التحدي فالعفريت هو أنت و أنت
بني آدم حقير ؛ فعلاً : ما عفريت ألا بني آدم !!
= خطأ ! أنا لستُ بني آدم !
ـ كُفّ عن المزح و تنحّ عن الباب دعني أخرج الآن !
= ....................
ـ قلت تنحّ عن الباب و دعني أخرج الآن الآن !!
= ....................
ـ كُ فّ عن النظر لي بهذا الشكل و ابتعد عن الباب و إلا
!
= و إلا ماذا ؟
ـ ما .. ما هذا ؟!! مَن .. من هؤلاء ؟؟!!
= أرأيت ؟ لستُ عفريتاً واحداً فقط .. هناك عفاريت كثيرة
.. توجد عفاريت كثيرة يا جاري العزيز .. عفاريت .. ههههههه
ـ ما هؤلاء ؟ ما هؤلاء ؟ ماذا يمسكون في أيديهم ؟؟ ماذا
تمسك أنت في يدك ؟؟ ابتعد عن الباب .. ابتعدوا أو سأصرخ و سيحضر الناس و يمسكون
بكم .. ابتعدوا عني .. ابتعدوا !!!!
= هاه هاه هاه .. اصرخ يا عزيزي لن يأتي أحد لمكانٍ
مسكون لا يخرج منه أيُّ أحمقَ يدخله مثلك يا جاري الطيب المُقنِع !
ـ ماذا تفعلون ابتعدوا أنتم لستم عفاريت أنتم بشر أنتم
لصوص سأقاومكم لستُ ضعيفاً لستُ غبيّاً .. خذوا .. خذوا .. اتركوني .. اتركوني ..
آه ! آاه !!
= ما رأيك بالحقنة ؟ ( الكثرة غلبت الشجاعة ) أليس كذلك
؟ و نعم لم تكن ضعيفاً لكنك غبي ؛ و نعم معك حق نحن لسنا عفاريت لكننا أيضاً لسنا بشر
، نحن شياطين يا عزيزي هههه ، انظر .. أعلمُ أنك لا زلت تسمعني .. الحقنة تشل
حركتك فقط ؛ نحن نحتاجك على قيد الحياة .. انظر .. ننزل من هنا .. ثم نمشي في
سرداب طويـــــــــل .. ثم نصل إلى منزلٍ آخر مجهّز بكل الأجهزة الطبية اللازمة
للحصول على أعضاء الحمقى أمثالك الثمينة .. مرحباً بك و شكراً فأنا مقتنعٌ فعلاً و
تماماً أنه ما عفريت إلا .. هههه .. إلا
.. هههههههه ..
هـاه هـاه هــــااااااه !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق