بسم الله
الرحمن الرحيم
من قطوف
الكتب ..
( بئر الكلب
)
أنشدني أبو عبيدة
لبعض الشعراء طويل:
يعرِّج عنه
جارَهُ وشقيقَهُ ... ويرغبُ فيه كلبٌ وهو ضاربُه
قال أبو
عبيدة قيل هذا الشعر في رجلٍ من أهلِ البصرةِ خرج إلى الجبّانة ينتظرُ رِكابه
فاتبعه كلب له فطردَه وضربَه وذكر أن يتبعه ورماه بحجرٍ فأدماه فأبى الكلب إلا أن
يتبعه فلمّا صار إلى الموضع وثب به قوم كانت لهم عنده طائلة وكان معه جار له وأخ
فهربا عنه وتركاه وأسلماهُ فجُرح جرحات كثيرة ورُمي به في بئر وحَثوا عليه بالتراب
حتى واروهُ ولم يشكوا في موته والكلب مع هذا يهر عليهم وهم يرجمونه فلما انصرفوا
أتى الكلب إلى رأس البئر فلم يزل يعوي ويبحث بالتراب بمخاليبه حتى ظهر رأس صاحبه
وفيه نفس يتردد وقد كان أشرف على التلف ولم يبق فيه إلا حشاشة نفسه ووصل إليه
الروح فبينما هو كذلك إذ مرَّ أناس فأنكروا مكان الكلب ورأوه كأنه يحفر قبرا فجاءوا
فإذا هم بالرجل على تلك الحال فاستخرجوه حيّا وحملوه إلى أهله.
وزعم أبو
عبيدة أن ذلك الموضع يدعى بئر الكلب .
وهذا الأمر
يدل على وفاء طبعي وألِف غريزي ومحاباةٍ شديدة وعلى معرفة وصبر وكرم وغناء ومنفعة
تفوق المنافع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: فضل الكلاب على
كثيرٍ ممن لبس الثياب
المؤلف: محمد بن خلف بن
المرزبان بن بسام، أبو بكر المحولي (المتوفى: 309هـ)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق