الاثنين، 19 نوفمبر 2018

( بــــلـــــــدي ؟؟ )

قصة قصيرة


بسم الله الرحمن الرحيم

قصة قصيرة ..

( بــــلـــــــدي ؟؟ )

(سمنة الفرمان ..... بلدي بأمر السلطان)

سميرة .. يا سميرة .. تعالي أطفئي هذا "المفسديُون" حتى الأكل أصبح بفرمانات السلاطين ؟ يا ساتر !
ـ ها قد أطفأتُه .. لكن لا تنكر أنها فعلاً لا يُفَرَّق بينها وبين البلدي !
ـ هه ماذا تقصدين هل اشتريتِ هذا "الفرمان" يا سميرة ؟؟
ـ وتأكل منه كل يوم يا حبيبي ، ما رأيك ؟
ـ هل جننتِ يا سميرة ؟ هذه الأشياء تُصنع من الزيوت المهدرجة !
ـ وماذا تعني "مهدرجة" هذه ؟ 
ـ هه .. تعني .. تعني .. لا أعرف ! سمعتها هكذا .. ولكن هذا يعني شيئاً سيئاً بالطبع !
ـ وإن كان كما تقول فلماذا هو مباح ويعلن عنه ويُباع ؟
ـ وهل كلما لوَّح لنا أحد بشيء اشتريناه وتركنا ما نعرفه طول عمرنا ؟ حتى المثل يقول:" اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش "
ـ الله الله .. ها قد ضبطك متلبساً بقول مثل شعبي ! لماذا إذن تنعتني بالتخلف كلما سمعتني أنطق واحداً ؟
ـ سميرة – حبيبتي- ليس التخلف في قول المثل ؛ ولا في المثل نفسه.. إنه في طريقة إلقائك له يا حُبي ... ثم لا تغيري الموضوع : كيف تفرضين علينا هذا الفرمان أين السمن البلدي ؟؟
ـ إنه غالٍ جداً يا حبيبي ! منذ أسبوع اشتريت نصف كيلو زبد بلدي هل تعرف بكم ؟!
هل تعرف كم كان حجمه إنه لا يتعدى قبضة اليد ! هل تعرف كم يوماً يكفي ؟ وإن حسبتُها لك سترى أنك قد تصرف نصف مرتبك على السمن البلدي وحده يا حبيبي !
ـ هل هذا يعني أننا ملتزمون بفرمان السلطان منذ زمن طويل ؟! وماذا عن السمن البلدي الذي أراه دائماً في المطبخ ؟؟
ـ زِيـْنة يا حبيبي .. منظر .. أو بالأصح "منظـَرَة " .. حتى إذا جاءتني إحدى جاراتنا المتطفلات المتحذلقات تراه فتعرف أننا لا نطهو إلا به .
ـ وماذا لو ذاقت طبيخك يا روحي ؟
ـ حصل كثيراً وحياتك يا عمري ولم يفرِّقن ولم يعرفن- مثلك تماماً يا حبيبي-
ـ ماذا ؟؟! بالعكس .. أنا من فترة طويلة أقول لنفسي : مالِ طعام سميرة أصبح ممسوخ الطعم لا يؤكل؟!
ـ ماذا .. ماذا .. كيف تجرؤ على قول هذا وأنت من يمسح الأطباق لا أنا يا ناكر الجميل ؟!
ثم كل السمن مثل بعضه : بلدي ،إفرنجي ، هولندي ، حيواني ، نباتي ، أصفر، أبيض .. المهم النَّفَس في الطبخ يا من كنت حبيبي !
ـ هل تقسمين على ذلك يا عمري ؟ هل حقاً كلهم واحد وأنك لا تهتمين أم أنه ( قُصر ديل يا أزعر) ؟
ـ نــعـــم ؟!! ذيل من؟؟ 
ـ ذيلي أنا طبعاً ! فمرتبي أنا الأزعر ! وأنت زوجتي حبيبتي التي تدبِّر لي أمور البيت بحكمتها المعهودة .
ـ نعم هكذا.. أصلح ما أفسدته !
ـ ولكن هذا لا يعني أنني رضيت بهذا الفرمان حتى لو كان لا فرق بينه وبين البلدي في الطعم ؛ أرجوك ابحثي عن سمن آخر(النّبَـَهان ، الصَّحَيان ، "الحَرْنَان")
هكذا .. هكذا ..
فهمت يا حبيبي ، سأبحث لك عما تريد.. ولكن مهلاً .. تُرى من يدق جرس الباب ؟ من سيأتينا الآن ؟! سأفتح ...
ـ أهلاً يا أم هناء أهلاً .. تفضلي :
ـ رحِّب بجارتنا أم هناء:
ـ أهلاً وسهلاً يا أم هناء.. تفضلي .. سأنصرف أنا بالإذن ..
ـ لا والله لا تمشِ ، أنا لن أجلس .. جئت فقط أُهديكم صحن " كحك " صنعته بنفسي ..
ـ " كحك " ؟؟ ( هو َّبعد العيد بيتفتل كحك ) يا أم هناء ؟؟
ـ لا يا سميرة يا حبيبتي هذا ليس كحك العيد- اسم الله عليك- أصل ابنة خالتي ستتزوج بعد يومين ، وخالتي قالت لي : يا بنت يا صفية أنت عليك كحك العروسة ! أنت شاطرة جداً في عمل الكحك .. فأنا عملته قبلها بيومين حتى أتفرغ غداً لمساعدة خالتي وابنتها في ترتيب الحفلة وأشياء العروسة - أصلهم لا يستطيعون الاستغناء ؛ عن أم هناء - !
تذوقيه يا سميرة .. تذوقي هذه ...
ـ أم م م ! .. إنه لذيذ وطري ويبدو مغموراً في السمن :
بــــلــــدي ؟؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا إله إلا الله

لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله أخي الوحيد في ذمة الله أسألكم بالله قراءة الفاتحة و إهداء ثوابها له و الدعاء له بالرحمة و المغفرة ...