الجمعة، 5 أكتوبر 2018

( فالس الوداع )



بسم الله الرحمن الرحيم

قصة قصيرة  ..

( فالس الوداع )

كحديقةٍ غنّاء في بداية فصل الربيع بدت لها قاعة الوصول في المطار ..
تكاد تشمُّ شذى عبير تفتُّح الزهور ؛ بل هي تشمُّه بالفعل في الروائح الثمينة التي حرص القادمون على استقبال أحبائهم بها و ترى تفتح الزهور في ثيابهم الزاهية التي تكاد تتراقص مع خطواتهم الفرحة حتى يظنهم الناظر في حفلٍ راقص ..
يظن ! إنه بالفعل حفلٌ راقص؛ تكاد ترى خطيبها ينهي إجراءات الوصول و ينفلت داخلاً نحوها مُلقياً حتى بجواز سفره أرضاً راكعاً عند قدميها باسطاً يده نحوها هاتفاً بعيون تلتمع بدموع فرحة اللقاء :
"تسمحيلي بالرقصة دي ؟"
نعم طبعاً تسمح ! تسمح !
ها هو يدور بها ، ها هم يدورون مع أحبائهم معها ، ها هي نغمة الميكروفون الداخلي تتحول لموسيقى فالس ترعى حفلهم الراقص !
نــــشـــــاز!
توقف الجميع عن الرقص فجأة مع آخر كلماتٍ أتت من الميكرفون الداخلي و التي تظن أنها سمعتها جيداً و فهمتْها!
لكنها فقدت هذا الفهم فجأة حين سمعت صراخاً و عويلاً و حدث هرج و مرج حتى إنها خافت بشدة و التفتت نحو خطيبها لتحتمي به لكنه أفلت يده من يدها و انفلت منسحباً بين الجموع عائداً بظهره بينهم من حيث أتى و عيناه تشيّع نظراتها الفَزِعَةِ نحوه و قد التمعتا بدموع الفراق !
هالويـــن !
تحول الحفل الراقص إلى هالويـــن !
 جَمُدَتْ مكانها على كرسي القاعة في خوف و هي ترى وجوهاً شائهة تتدافع على غير هدى !
ثم غامت الدنيا أمام عينيها و تحول الصراخ في أذنيها إلى طنين !
لكنها قفزت فجأة في رعب حين أحسّت بيدٍ تلمس كتفها !
كان أمامها رجلٌ عجوز بائس الملامح يقول لها شيئاً لم تفهم حرفاً واحداً منه !
بعينين ملؤهما الخوف مفتوحتين على اتساعهما و فمٍ أبى أن يُغلق نظرت نحوه بفزعٍ شديد و هي تتراجع مبتعدة فتلتقط عيناها القاعة الواسعة ..
لا أحد !!
أين ذهب الجميع ؟؟
قالتها بصوتٍ عالٍ دون أن تشعر ..
رد عليها العجوز بأسى :
هذا ما كنتُ أسألك عنه يا ابنتي ؛ لماذا تجلسين هنا و قد انصرف الجميع بعد ما قيل في الميكروفون الداخلي للصالة ؟
ـ ماذا قيل ؟
= أن الطائرة وقعت في البحر !
ـ ......................
= "إلحقونا .. إلحقونا  البنت أغمى عليها !!"




هناك تعليق واحد:

لا إله إلا الله

لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله أخي الوحيد في ذمة الله أسألكم بالله قراءة الفاتحة و إهداء ثوابها له و الدعاء له بالرحمة و المغفرة ...