بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة ..
( فالس الوداع )
كحديقةٍ غنّاء في بداية فصل الربيع بدت لها قاعة الوصول
في المطار ..
تكاد تشمُّ شذى عبير تفتُّح الزهور ؛ بل هي تشمُّه
بالفعل في الروائح الثمينة التي حرص القادمون على استقبال أحبائهم بها و ترى تفتح
الزهور في ثيابهم الزاهية التي تكاد تتراقص مع خطواتهم الفرحة حتى يظنهم الناظر في
حفلٍ راقص ..
يظن ! إنه بالفعل حفلٌ راقص؛ تكاد ترى خطيبها ينهي
إجراءات الوصول و ينفلت داخلاً نحوها مُلقياً حتى بجواز سفره أرضاً راكعاً عند
قدميها باسطاً يده نحوها هاتفاً بعيون تلتمع بدموع فرحة اللقاء :
"تسمحيلي بالرقصة دي ؟"
نعم طبعاً تسمح ! تسمح !
ها هو يدور بها ، ها هم يدورون مع أحبائهم معها ، ها هي
نغمة الميكروفون الداخلي تتحول لموسيقى فالس ترعى حفلهم الراقص !
نــــشـــــاز!
توقف الجميع عن الرقص فجأة مع آخر كلماتٍ أتت من
الميكرفون الداخلي و التي تظن أنها سمعتها جيداً و فهمتْها!
لكنها فقدت هذا الفهم فجأة حين سمعت صراخاً و عويلاً و
حدث هرج و مرج حتى إنها خافت بشدة و التفتت نحو خطيبها لتحتمي به لكنه أفلت يده من
يدها و انفلت منسحباً بين الجموع عائداً بظهره بينهم من حيث أتى و عيناه تشيّع
نظراتها الفَزِعَةِ نحوه و قد التمعتا بدموع الفراق !
هالويـــن !
تحول الحفل الراقص إلى هالويـــن !
جَمُدَتْ مكانها
على كرسي القاعة في خوف و هي ترى وجوهاً شائهة تتدافع على غير هدى !
ثم غامت الدنيا أمام عينيها و تحول الصراخ في أذنيها إلى
طنين !
لكنها قفزت فجأة في رعب حين أحسّت بيدٍ تلمس كتفها !
كان أمامها رجلٌ عجوز بائس الملامح يقول لها شيئاً لم
تفهم حرفاً واحداً منه !
بعينين ملؤهما الخوف مفتوحتين على اتساعهما و فمٍ أبى أن
يُغلق نظرت نحوه بفزعٍ شديد و هي تتراجع مبتعدة فتلتقط عيناها القاعة الواسعة ..
لا أحد !!
أين ذهب الجميع ؟؟
قالتها بصوتٍ عالٍ دون أن تشعر ..
رد عليها العجوز بأسى :
هذا ما كنتُ أسألك عنه يا ابنتي ؛ لماذا تجلسين هنا و قد
انصرف الجميع بعد ما قيل في الميكروفون الداخلي للصالة ؟
ـ ماذا قيل ؟
= أن الطائرة وقعت في البحر !
ـ ......................
= "إلحقونا .. إلحقونا البنت أغمى عليها !!"
رائعة النهاية
ردحذف